الماء هو أساس الحياة على الأرض، فهو المكوّن الحيوي الذي لا يستطيع الإنسان ولا أي كائن حي الاستغناء عنه. يشكّل الماء ما يقارب 60–70% من وزن جسم الإنسان، ويلعب دورًا رئيسيًا في كل العمليات الحيوية، بدءًا من نقل العناصر الغذائية، وتنظيم درجة حرارة الجسم، وصولًا إلى التخلص من الفضلات. ورغم هذه الأهمية البالغة، فإن كثيرًا من الناس لا يشربون الكمية الكافية يوميًا، مما قد يعرضهم للجفاف ومشكلات صحية أخرى.
في هذا المقال سنتناول أهمية ماء الشرب، الكمية المناسبة التي يحتاجها الجسم يوميًا وفقًا لتوصيات المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) والمعهد الوطني الأمريكي للطب (IOM)، مع التركيز على كيفية تلبية هذه الحاجة بما يحافظ على صحة الجسم ويقي من الأمراض.
---
أولًا: أهمية شرب الماء للجسم
1. تنظيم درجة حرارة الجسم
يلعب الماء دورًا أساسيًا في الحفاظ على ثبات درجة حرارة الجسم، وذلك من خلال عملية التعرّق وتبخر العرق من سطح الجلد، مما يساهم في تبريد الجسم خصوصًا في الأجواء الحارة أو أثناء ممارسة التمارين الرياضية.
2. نقل العناصر الغذائية والأكسجين
يشكّل الماء الجزء الأكبر من الدم، الذي ينقل الأكسجين والفيتامينات والمعادن إلى الخلايا، ويساعد على امتصاص العناصر الغذائية من الجهاز الهضمي.
3. التخلص من الفضلات والسموم
الكلى تعتمد على الماء لتصفية الفضلات من الدم وإخراجها في صورة بول. قلة شرب الماء تؤدي إلى تركيز البول، وزيادة خطر تكوّن حصوات الكلى.
4. تحسين وظائف الدماغ
تشير دراسات طبية إلى أن الجفاف—even الخفيف منه—قد يؤثر سلبًا على التركيز، الذاكرة، المزاج، واليقظة الذهنية.
5. دعم صحة الجلد والمفاصل
الماء يحافظ على مرونة الجلد ورطوبته، كما يعمل كمزلق طبيعي للمفاصل، مما يقلل خطر الالتهابات والآلام.
ثانيًا: الكمية المناسبة من الماء يوميًا
تختلف احتياجات الجسم للماء من شخص لآخر اعتمادًا على العمر، الجنس، الوزن، النشاط البدني، المناخ، والحالة الصحية.
1. توصيات منظمة الصحة العالمية (WHO)
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الاحتياجات اليومية من الماء الكافي تختلف باختلاف البيئة والعوامل الفردية، لكنها تؤكد أن الحصول على إمداد كافٍ من الماء النقي والآمن ضروري للحفاظ على الصحة العامة وللوقاية من الأمراض المرتبطة بالجفاف أو المياه الملوثة.
2. توصيات المعهد الوطني الأمريكي للطب (Institute of Medicine – IOM)
الرجال البالغون: حوالي 3.7 لتر يوميًا (بما يعادل نحو 15 كوبًا).
النساء البالغات: حوالي 2.7 لتر يوميًا (نحو 11 كوبًا).
تشمل هذه الكمية جميع مصادر السوائل، سواء من الماء مباشرة أو من المشروبات والأطعمة الغنية بالماء (مثل الفواكه والخضروات).
3. القاعدة العملية (8 أكواب يوميًا)
انتشرت قاعدة "8 أكواب ماء يوميًا" (ما يعادل نحو لترين) كإرشاد عام. ورغم أنها ليست دقيقة علميًا لجميع الأشخاص، إلا أنها وسيلة سهلة للتذكير بأهمية شرب الماء بشكل منتظم.
ثالثًا: عوامل تؤثر على الحاجة اليومية للماء
1. النشاط البدني:
الرياضيون أو الأشخاص الذين يمارسون نشاطًا بدنيًا مكثفًا يحتاجون لكميات أكبر من الماء لتعويض السوائل المفقودة عبر التعرق.
2. المناخ:
في الأجواء الحارة أو الرطبة أو في المناطق المرتفعة (مثل الجبال) يفقد الجسم المزيد من السوائل، مما يزيد الحاجة إلى الماء.
3. الحمل والرضاعة:
النساء الحوامل والمرضعات بحاجة إلى كمية إضافية من الماء لدعم تكوين السائل الأمنيوسي وإنتاج الحليب.
4. الأمراض:
حالات مثل الحمى، الإسهال، والقيء تؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من السوائل، ما يتطلب زيادة استهلاك الماء لتعويض الفاقد.
رابعًا: علامات كفاية أو نقص الماء في الجسم
علامات كفاية شرب الماء: بول فاتح اللون، بشرة مرنة ورطبة، قلة الشعور بالعطش.
علامات الجفاف: عطش شديد، جفاف الفم، بول داكن، تعب عام، دوخة أو صداع.
في الحالات الشديدة، قد يؤدي الجفاف إلى فشل كلوي أو صدمة، وهو ما يجعل شرب الماء بانتظام أمرًا حيويًا.
خامسًا: نصائح عملية لزيادة استهلاك الماء
1. شرب كوب من الماء عند الاستيقاظ صباحًا.
2. حمل زجاجة ماء أثناء التنقل والعمل.
3. الاعتماد على تطبيقات الهاتف لتذكيرك بشرب الماء.
4. تناول الفواكه والخضروات الغنية بالماء مثل البطيخ والخيار.
5. استبدال المشروبات الغازية المحلاة بالماء أو المشروبات العشبية الخالية من الكافيين.
الماء ليس مجرد مشروب لإرواء العطش، بل هو أساس صحة الإنسان ووقاية الجسم من العديد من الأمراض. توصي المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) والمعهد الوطني للطب (IOM) بالحفاظ على شرب كميات كافية يوميًا تتراوح بين 2.5 إلى 3.7 لتر للبالغين حسب الجنس والعوامل الفردية.
إن جعل شرب الماء عادة يومية متواصلة يضمن تعزيز الطاقة، تحسين وظائف الأعضاء، ودعم الصحة الجسدية والعقلية. وبكلمات بسيطة: الحفاظ على توازن الماء في الجسم هو المفتاح لحياة أكثر صحة ونشاطًا.
تعليقات
إرسال تعليق